الموقف من
الملكية عند كل من التوجهين الإسلاميين بالمغرب :
العدل والإحسان:
بالنسبة
لجماعة العدل والإحسان، فإنها ظلت تعارض النظام في شرعيته، رغم انها تعكس مرجعيته
الدينية، بعدم الاعتراف بشرعية امارة المؤمنين، حيث ان عبد السلام ياسين يعتبر "ان
اولياء الله هم الراشدون الشرعيون للأمة التي عليها طاعتهم طبقا للآية القرآنية
"واطيعوا الله واطيعوا أولي الأمر منكم" فهنا يريد ان يتمثل بشرعية
امارة المؤمنين التي توجب اليها الطاعة، وفي الآن ذاته يريد ان يسحب من تحتها
قيادة الأمة وواجب طاعة إمام الأمة. ويبرز هذا الخطاب من خلال نقطتين اساسيتين:
الأولى: يتجلى
الخطاب المرجعي من خلال الافتخار بالنسب الشريف لبعد السلام ياسين الذي يعتبر نفسه
من سلالة نبوية شريفة تستحق التقدير والإحترام. هذا ما تجلى بشكل بارز في
رسالة"الاسلام او الطوفان"( انه من حقي انا الادريسي والصوفي المتخلى
عنه ان اوجه اليك الكلام الحق). وهو بذلك يحاول أن يعطي لنفسه القداسة ذاتها التي
تحملها المؤسسة الملكية سليلة النسب الشريف، وبالتالي خلق حقل مضاد ومنافسة لشرعية
المؤسسة الملكية من المعين الديني القدسي نفسه.
الثانية: يقوم
الخطاب المرجعي لجماعة "العدل والاحسان" على اعتبار الدين الاسلامي المرجعية الواحدة والوحيدة التي يجب ان تقوم
عليها الدولة الاسلامية، كما يعتبر تنظيمه كجماعة من المسلمين وجدت في كتاب الله
وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم بغيتها وضالتها . وهكذا فالمرجعية للجماعة إسلامية تعتبر امارة المؤمنين قائمة
على تدبيرها واحتكارها[1].
أما بالنسبة للعدالة والتنمية:
فتاريخ
العلاقة بين النخبة المؤسسة لحزب العدالة والتنمية مع السلطة السياسية، لم تقم في
بدايتها بالتوافق والانصهار في اللعبة السياسية الرسمية، بل كانت تقوم على فكر
اقصائي يرمي الى الانقلاب على السلطة السياسية ويشكك في الشرعية الدينية للمؤسسة
الملكية، فكان مآل نواة الحركة (الشبيبة
الإسلامية) إلى التفكك خاصة بعد اتهامها باغتيال الزعيم عمر بن جلون.
وهكذا فإن
دخول التيار الاسلامي الاصلاحي الى المعترك السياسي مع الاعتراف بشرعيته القانونية
خضع الى مسار طويل، تعرض من خلاله للعديد من العوائق والمضايقات، التي رافقها
مسلسل من الأخذ والرد مع السلطة السياسية عبر وسيط وزارة الداخلية ووزارة الأوقاف
والشؤون الإسلامية، وقد كللت بالاعتراف القانوني بمكونات من الحركة الإسلامية عام
1992، حيث ان استراتيجية السلطة مع تيار الحركة الاسلامية كان يصب في ادماجها داخل
الحقل السياسي الرسمي، وفق شروطه القائمة على الاعتراف بالشرعية الدينية والسياسية
للمؤسسة الملكية، بالشكل الذي لا يجعل من هذه الحركة حقلا مضادا ومنافسا
لايديولوجية النظام القائم.وهكذا تم ادماج الحركة الاسلامية المتمثلة في حركة
"التوحيد والاصلاح" وتنظيمها السياسي "حزب العدالة والتنمية"
وذلك عبر دفع هذه الأخيرة الى الاعتراف بشرعية إمارة المؤمنين، بل والدفاع عنها
كعنصر أساسي في إحلال التوازن واستمرارية الدولة المغربية.
فلم تبد
الحركة اي تعنت تجاه السلطة بل اجتهدت قياداتها في صوغ خطاب يكرس اعتراف الجماعة
بشرعية امارة المؤمنين وسموها، والقطع مع أي نظرة تشكيكية تجاه الجماعة في تمثيلها
لجماعة المسلمين.
كما عمدت
الحركة الى الدفع باطرها في اتجاه التصويت
الايجابي على التعديلات الدستورية التي تقدم بها الملك عام 1993، وهو ما اعتبره
الملاحظون واعتبرته الجماعة نفسها بمثابة تصويت سياسي في المقام الاول. كما لم
تتوان عن تأكيد ضرورة المحافظة على الاستقرار السياسي للبلاد، كمقدمة لكل اصلاح،
وكشرط لقيام الحركة برسالتها الحضارية. كما اعلنت مرارا انها لا تنازع ولن تنازع
الملكية في شرعيتها وصلاحيتها.
وقد تزامن
ابداء الملكية في المغرب استعدادها لقبول الاسلاميين داخل حقل المنافسة السياسية
الرسمية، مع قبول عبد الكريم الخطيب انخراط الاسلاميين في حزبه "الحركة
الشعبية الدستورية الديمقراطية". إنه احتضان لم يكن اعتباطيا او قائما على العفوية، بل خضع
لشروط صارمة وحاسمة في عملية الاندماج، كما صرح بذلك الراحل الخطيب، إذ شدد على
ضرورة احترام مجموعة من المبادئ:
أ-الاقرار بالاسلام كدين للأمة
ب-العمل في ظل
الملكية الدستورية كنظام للبلاد
ج-نبذ العنف
والتطرف[2]
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يمكنكم مشاركتنا بآرائكم واقتراحاتكم