الاثنين، 18 فبراير 2013

تفعيل الإتحاد المغاربي ... ضرورة مستعجلة .


تفعيل الإتحاد المغاربي ... ضرورة مستعجلة .

   إن منطقة المغرب العربي بموقعها الاستراتيجي والحيوي على الكرة الأرضية من خلال تواجدها على ضفتي البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي لشمال إفريقيا، وبامتدادها للعالم العربي وبقربها من أوربا ، قادرة بأن تكون منطقة دولية حرة  بامتياز لتنقل الأشخاص والمنتجات ومنفتحة على الجهات الأربعة للعالم.
   فدول هذه المنطقة المكونة من تونس وليبيا والجزائر والمغرب وموريتانيا تجمع بينها عوامل مادية ومعنوية، من خلال الروابط المشتركة والمعطيات المتشابهة في إطار الجغرافيا والجنس والتاريخ واللغة والدين، كفيلة بالمساهمة في وحدة شعوبها وتجانسها في إطار كتلة واحدة يمكن أن تؤدي إلى خلق التكامل لبناء اتحاد دولي يسوده الرخاء الاقتصادي والتوافق السياسي وحسن الجوار وتحقيق الأمن الاجتماعي والقضاء على مختلف الفوارق والمشاكل بشتى أنواعها في أفق الألفية الثالثة.
وبالرغم من المجهودات المستمرة التي قامت بها ولا زالت تقوم بها دول الاتحاد، من أجل استكمال مسار التكتل منذ بداية التفكير في تأسيسه مرورا بإنشائه بتاريخ 17 فبراير 1989، فإنها لم تكلل بالنجاح التام نظرا للصراعات الثنائية وعدم انسجام التوجهات السياسية والإيديولوجية لدول المنطقة، وخاصة بين المغرب والجزائر بسبب النزاع حول الحدود  والزعامة العسكرية والاقتصادية وقضية الصحراء الشيء الذي ساهم في عرقلة مسيرة اكتمال اتحاد المغرب العربي.
   فالمغرب ومنذ استرجاعه للأقاليم الصحراوية بعد إعادة وضعه اليد على تدبير شؤونها العامة بطرد الاستعمار الإسباني عبر المسيرة الخضراء سنة 1975 وما كلفه ذلك من أموال طائلة استثمرت للنهوض بأوضاع مخلف المجالات بالصحراء طبقا للإحصائيات الرسمية المغربية  ، والتي  يتفق حوله الجميع من أهل الصحراء ، الكل من موقعه على أن هذه الأموال التي ضخت في الصحراء عرفت انحرافا عن مسارها الحقيقي الذي يتمثل في تنمية المنطقة تنمية حقيقية صادقة ترجع ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة المغربية ، وبالرغم من كونه ظل متشبثا بسيادته المطلقة على الصحراء، فإنه في إطار حرصه على حل هذه القضية واستجابته للتعاون الدولي في هذا الشأن بادر إلى اقتراح مشروع الحكم الذاتي الموسع على أنظار الأمم المتحدة.
    بينما لا زال المجتمع الدولي من جهة  يجد صعوبات في تصديق نية المغرب في إنهاء النزاع ، وذلك من خلال الأخطاء المتتالية التي يشهدها مجال حقوق الإنسان بالصحراء  والتي يعرفها البادي والعادي من أبناء الصحراء من كليميم إلي لكويرة ، وكذا غياب التنمية التي فضحت عورة المسؤولين المغاربة اللذين استفادوا من سياسة الريع مستغلين غياب آليات المراقبة والمحاسبة ،  بحيث أصبحت البطالة في الأقاليم الصحراوية  مقلقة بنسبة تقدر بـــ 17 المائة ،  ومن جهة أخرى صعوبة  إقناع الجزائر التي عبرت عن عدم دعمها لمشروع الحكم الذاتي، ساعية من خلال ذلك إلى كبح قدرات المغرب بهدف تحجيم مساحته الجغرافية عبر خلق دولة  في الصحراء ولو عن طريق تقسيم الأقاليم الصحراوية، كما اقترحت من قبل، لقطع الطريق أمام التوسع التنموي والانفتاح الاقتصادي للمغرب نحو دول جنوب الصحراء ، طامحة من وراء ذلك إلى إيجاد حليف عسكري في الصحراء يظل مناوئا للمغرب باستمرار يشغله عن الانهماك في حل قضاياه التنموية وكذا العمل على زعزعت استقراره السياسي والأمني وعدم تمكين اقتصاد من الاستفادة من تبادلات القرب الثنائية ما بين البلدين في مخلف المجالات الاقتصادية.
وعليه فإن تجاوز هذا التضارب بين المصالح المغربية والجزائرية هو الحل الأنسب لاستكمال مسيرة اتحاد المغرب العربي، وسوف يظل يلقى بضلاله على مسيرة اتحاد المغرب العربي ما لم يتم حل كل الخلافات الثنائية وخاصة بحياد الجزائر في ملف الصحراء  وأن تحذو حذو كل من ليبيا وموريتانيا في هذا الشأن.
كما أنه من الضروري على المغرب إعطاء مكانة خاصة للصحراويين قصد إعادة الثقة ، وتنمية المنطقة بصورة سريعة وهادفة تكون كضمانة للمجتمع الدولي على حسن نية المغرب في إنهاء النزاع الذي طال أمده ، وتكون اللبنة الأولى لتأسيس تكتل اقتصادي مغاربي،  وكذلك من الضروري على المغرب الانخراط في سياسة فتح الحدود مع الجزائر وجعل الدولتين دولة واحدة ، وعلى الساسة فهم أن الشعوب تطمح إلى التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، وليس للحسابات الساسوية الضيقة التي لا يعرف مغزاها سوى هم أنفسهم ،،، "السياسيون متشابهون في كل مكان فهم يعدون ببناء الجسور حيث لا يوجد هناك أنهار " نيكيتا خروتشوف .
- الحسين الشركاوي 
باحث في الدبلوماسية المغربية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمكنكم مشاركتنا بآرائكم واقتراحاتكم